يمامة بيضاء
قصة قصيرة
يمامة بيضــاء ومنين اجيبها .... طارت يا جدتي عند صاحبها
وخطفها البلبل وطار وياها.... اصلـه يا جدتي يعرف غناها
هكذا جلست جدتى تغني لي تلك الاغنية المفضلة عندي في صغري..الكثير من الاغاني كانت تغنيها لي جدتي ولكن تلك هي الاغنية الوحيدة التى كنت اعشقها حينما تغنيها جدتى لي ولإخوتي ربما لحنان صوتها الذي كان يشبه بعض الحزن الذي لم أكن اعرف سببه فكان جسدي يقشعر واطلب منها تكرارها مرة أخرى.
ثم يوم من الأيام غنتها بطريقة خائه فقلت... ( لا يا جدتي لا تغني هكذا في الراديو) صحت بصوتي وأنا استمع لجدتي تغنيها لي في يوم من الأيام
(أمال كيف تغني يا محمد) قالتها جدتي في هدوء
رددت عليها (يقولوا.... أصله يا جدتي يعرف لفاها.... الا هو صحيح ما معني لغاها؟)
ضحكت جدتي وقالت لي ( لهذا هو ما يضايقك يا محمد قوي يا سي محمد...عموما لفاها يعنى لغتها أو الطريقة اللي بتكلم تيها) قلت لها متسائلا ( يعنى وأنا باغتيها أقول غناها ولا لفاها؟؟؟)
قاتلي وهي تبتسم ( ناعم قول اللي نفسك فيه ... بس لما تقولها أبقى افتكرني وادعيلى)
مرت الايام ورحلتى إلى منزل جدتي يومي الخميس والجمعة بعد الانتهاء من أسبوع كامل من الدراسة هي المفضلة عندي إلى إن كان يوما ذهبنا فيه إلى بيت جدتي ووجدنا الحزن يغيم على المكان دخلت مسرعا إلى حجرة جدتي فوجدتها نائمة في سريرها في سكينة وهدوء وحولها نساء كثيرات يلبسن السواد
سألت أمي (ماذا حدث؟؟؟) ... قالت لي ( البقاء لله .. تينا عند ربنا)
ظللت أبكى طوال أجنازة ومراسم الدفن وأمام المقبرة مال عليا والدي وقال لي في صوت خافت : ( ادعي لنبنا عشان ربنا يرحمها ويغفر لها وما يعذبها)
قلت له متسائلا ( يعذبها ليه .. دي كانت بتجيبلى حاجات حلوة كبيير وبتغنيلى أغاني جميلة وبتحكيلى حكايات)
مرت أيام وسنين وهي لم تفارق ذاكرتى...أرى أمي كلما كبرت في السن وبطئت حركتها فاتذكر جدتي
وكلما رأيت أمي في تعاملاتها مع أبنائي بعد إن تزوجت وأنجبت فاتذكر تصرفات جدتي معي ومع اخوتى
حتى ألحت عليا في يوم تلك الأغنية فظللت أغنيها وارددها فمرة أقول ( غناها) ومرة ( لفاها) بعدها ذهبت لزيارة أمي وكان قد اشتد بها المرض يومها ذهبت بها المستشفى ليتابعوا حالتها بشكل أفضل ولكن كانت إرادة الله أقوى ووافتها المنية.
لم أكن أتصور أنى امتلك كل هذا الكم من البكاء والحزن بعد إن بكيت كثيرا يوم فراق جدتي.
يومها شعرت وكأن شأ نزع من قلبي أو بغصة موجودة بحلقي لا تريد إن تنزلق لتريحني من الألم الذي لحق بي بعد فراق أمي.
أتممنا مراسم الدفن وأمام مقبرتها قلت لابني في صوت منخفض( ادعي لنبنا عشان ربنا يرحمها ويغفر لها وما يعذبها) وجدته ينظر لي في استغراب وقال لي متسائلا ( يعذبها ليه.. دي كانت بتجيبلى حاجات حلوة كبيير وبتغنيلى أغاني جميلة وبتحكيلى حكايات)...
(تمت بحمد الله)
اريد ان ارة ردود
الرئيسية 
علي مرورك الي موضوعي
